التشاجيح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

‏إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه‏

اذهب الى الأسفل

‏إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه‏  Empty ‏إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه‏

مُساهمة من طرف  الثلاثاء أغسطس 24, 2010 7:04 am

‏إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه‏

‏ ‏حدثنا ‏ ‏قتيبة ‏ ‏حدثنا ‏ ‏إسماعيل بن جعفر ‏ ‏عن ‏ ‏عتبة بن مسلم ‏ ‏مولى ‏ ‏بني تيم ‏ ‏عن ‏ ‏عبيد بن حنين ‏ ‏مولى ‏ ‏بني زريق ‏ ‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏رضي الله عنه ‏
‏أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه فإن في أحد جناحيه شفاء وفي الآخر داء ‏





فتح الباري بشرح صحيح البخاري


‏قَوْله : ( عَنْ عُتْبَةَ بْن مُسْلِم مَوْلَى بَنِي تَمِيم ) ‏
‏هُوَ مَدَنِيّ , وَأَبُوهُ يُكَنَّى أَبَا عُتْبَةَ , وَمَا لِعُتْبَةَ فِي الْبُخَارِيّ سِوَى هَذَا الْمَوْضِع . ‏

‏قَوْله : ( عَنْ عُبَيْد بْن حُنَيْنٍ ) ‏
‏مَضَى فِي بَدْء الْخَلْق مِنْ طَرِيق سُلَيْمَان بْن بِلَال عَنْ عُتْبَةَ بْن مُسْلِم " أَخْبَرَنِي عُبَيْد بْن حُنَيْنٍ " وَهُوَ بِالْمُهْمَلَةِ وَالنُّونَيْنِ مُصَغَّر وَكُنْيَته أَبُو عَبْد اللَّه . ‏

‏قَوْله : ( مَوْلَى بَنِي زُرَيْق ) ‏
‏بِزَايٍ ثُمَّ رَاءٍ ثُمَّ قَاف مُصَغَّر , وَحَكَى الْكَلَابَاذِيُّ أَنَّهُ مَوْلَى زَيْد بْن الْخَطَّاب ; وَعَنْ اِبْن عُيَيْنَةَ أَنَّهُ مَوْلَى الْعَبَّاس , وَهُوَ خَطَأ كَأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ أَخُو عَبْد اللَّه بْن حُنَيْنٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ , وَمَا لِعُبَيْدٍ أَيْضًا فِي الْبُخَارِيّ سِوَى هَذَا الْحَدِيث أَوْرَدَهُ فِي مَوْضِعَيْنِ . ‏

‏قَوْله : ( إِذَا وَقَعَ الذُّبَاب ) ‏
‏قِيلَ سُمِّيَ ذُبَابًا لِكَثْرَةِ حَرَكَته وَاضْطِرَابه , وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى عَنْ اِبْن عُمَر مَرْفُوعًا " عُمْر الذُّبَاب أَرْبَعُونَ لَيْلَة , وَالذُّبَاب كُلّه فِي النَّار إِلَّا النَّحْل " وَسَنَده لَا بَأْس بِهِ , وَأَخْرَجَهُ اِبْن عَدِيّ دُون أَوَّله مِنْ وَجْه آخَر ضَعِيف , قَالَ الْجَاحِظ : كَوْنه فِي النَّار لَيْسَ تَعْذِيبًا لَهُ , بَلْ لِيُعَذَّب أَهْل النَّار بِهِ . قَالَ الْجَوْهَرِيّ : يُقَال إِنَّهُ لَيْسَ شَيْء مِنْ الطُّيُور يَلَغُ إِلَّا الذُّبَاب . وَقَالَ أَفْلَاطُون : الذُّبَاب أَحْرَص الْأَشْيَاء , حَتَّى إِنَّهُ يُلْقِي نَفْسه فِي كُلّ شَيْء وَلَوْ كَانَ فِيهِ هَلَاكه . وَيَتَوَلَّد مِنْ الْعُفُونَة . وَلَا جَفْن لِلذُّبَابَةِ لِصِغَرِ حَدَقَتهَا , وَالْجَفْن يَصْقُل الْحَدَقَة , فَالذُّبَابَة تَصْقُل بِيَدَيْهَا فَلَا تَزَال تَمْسَح عَيْنَيْهَا . وَمِنْ عَجِيب أَمْره أَنَّ رَجِيعه يَقَع عَلَى الثَّوْب الْأَسْوَد أَبْيَض وَبِالْعَكْسِ . وَأَكْثَر مَا يَظْهَر فِي أَمَاكِن الْعُفُونَة , وَمَبْدَأ خَلْقه مِنْهَا ثُمَّ مِنْ التَّوَالُد . وَهُوَ مِنْ أَكْثَر الطُّيُور سِفَادًا , رُبَّمَا بَقِيَ عَامَّة الْيَوْم عَلَى الْأُنْثَى . وَيُحْكَى أَنَّ بَعْض الْخُلَفَاء سَأَلَ الشَّافِعِيّ : لِأَيِّ عِلَّة خُلِقَ الذُّبَاب ؟ فَقَالَ : مَذَلَّة لِلْمُلُوكِ . وَكَانَتْ أَلَحَّتْ عَلَيْهِ ذُبَابَة , فَقَالَ الشَّافِعِيّ : سَأَلَنِي وَلَمْ يَكُنْ عِنْدِي جَوَاب فَاسْتَنْبَطْته مِنْ الْهَيْئَة الْحَاصِلَة . وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد الْمَالِقِيّ : ذُبَاب النَّاس يَتَوَلَّد مِنْ الزِّبْل . وَإِنْ أُخِذَ الذُّبَاب الْكَبِير فَقُطِعَتْ رَأْسهَا وَحُكَّ بِجَسَدِهَا الشَّعْرَة الَّتِي فِي الْجَفْن حَكًّا شَدِيدًا أَبْرَأَتْهُ وَكَذَا دَاء الثَّعْلَب . وَإِنْ مُسِحَ لَسْعَة الزُّنْبُور بِالذُّبَابِ سَكَنَ الْوَجَع . ‏

‏قَوْله : ( فِي إِنَاء أَحَدكُمْ ) ‏
‏تَقَدَّمَ فِي بَدْء الْخَلْق بِلَفْظِ " شَرَاب " وَوَقَعَ فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد عِنْد النَّسَائِيِّ وَابْن مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّان إِذَا وَقَعَ فِي الطَّعَام " وَالتَّعْبِير بِالْإِنَاءِ أَشْمَل , وَكَذَا وَقَعَ فِي حَدِيث أَنَس عِنْد الْبَزَّار . ‏

‏قَوْله : ( فَلْيَغْمِسْهُ كُلّه ) ‏
‏أَمْر إِرْشَاد لِمُقَابَلَةِ الدَّاء بِالدَّوَاءِ . وَفِي قَوْله : " كُلّه " رَفْع تَوَهُّم الْمَجَاز فِي الِاكْتِفَاء بِغَمْسِ بَعْضه . ‏

‏قَوْله : ( ثُمَّ لْيَطْرَحهُ ) ‏
‏فِي رِوَايَة سُلَيْمَان بْن بِلَال " ثُمَّ لْيَنْزِعهُ " وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة عَبْد اللَّه بْن الْمُثَنَّى عَنْ عَمّه ثُمَامَة أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ : " كُنَّا عِنْد أَنَس , فَوَقَعَ ذُبَاب فِي إِنَاء فَقَالَ أَنَس بِإِصْبَعِهِ فَغَمَسَهُ فِي ذَلِكَ الْإِنَاء ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ : بِسْمِ اللَّه . وَقَالَ : إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ " أَخْرَجَهُ الْبَزَّار وَرِجَاله ثِقَات , وَرَوَاهُ حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ ثُمَامَة فَقَالَ : " عَنْ أَبِي هُرَيْرَة " وَرَجَّحَهَا أَبُو حَاتِم , وَأَمَّا الدَّارَقُطْنِيُّ فَقَالَ : الطَّرِيقَانِ مُحْتَمَلَانِ . ‏

‏قَوْله : ( فَإِنَّ فِي إِحْدَى جَنَاحَيْهِ ) ‏
‏فِي رِوَايَة أَبِي دَاوُدَ " فَإِنَّ فِي أَحَد " وَالْجَنَاح يُذَكَّر وَيُؤَنَّث وَقِيلَ : أُنِّثَ بِاعْتِبَارِ الْيَد , وَجَزَمَ الصَّغَانِيّ بِأَنَّهُ لَا يُؤَنَّث وَصَوَّبَ رِوَايَة " أَحَد " وَحَقِيقَته لِلطَّائِرِ , وَيُقَال لِغَيْرِهِ عَلَى سَبِيل الْمَجَاز كَمَا فِي قَوْله : ( وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاح الذُّلّ ) وَوَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّان مِنْ طَرِيق سَعِيد الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , وَأَنَّهُ يَتَّقِي بِجَنَاحِهِ الَّذِي فِيهِ الدَّاء , وَلَمْ يَقَع لِي فِي شَيْء مِنْ الطُّرُق تَعْيِين الْجَنَاح الَّذِي فِيهِ الشِّفَاء مِنْ غَيْره , لَكِنْ ذَكَرَ بَعْض الْعُلَمَاء أَنَّهُ تَأَمَّلَهُ فَوَجَدَهُ يَتَّقِي بِجَنَاحِهِ الْأَيْسَر فَعُرِفَ أَنَّ الْأَيْمَن هُوَ الَّذِي فِيهِ الشِّفَاء , وَالْمُنَاسَبَة فِي ذَلِكَ ظَاهِرَة . وَفِي حَدِيث أَبِي سَعِيد الْمَذْكُور أَنَّهُ يُقَدِّم السُّمّ وَيُؤَخِّر الشِّفَاء . وَيُسْتَفَاد مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَة تَفْسِير الدَّاء الْوَاقِع فِي حَدِيث الْبَاب وَأَنَّ الْمُرَاد بِهِ السُّمّ فَيُسْتَغْنَى عَنْ التَّخْرِيج الَّذِي تَكَلَّفَهُ بَعْض الشُّرَّاح فَقَالَ : إِنَّ فِي اللَّفْظ مَجَازًا وَهُوَ كَوْن الدَّاء فِي أَحَد الْجَنَاحَيْنِ , فَهُوَ إِمَّا مِنْ مَجَاز الْحَذْف وَالتَّقْدِير فَإِنَّ فِي جَنَاحَيْهِ سَبَب دَاء , إِمَّا مُبَالَغَة بِأَنْ يُجْعَل كُلّ الدَّاء فِي أَحَد جَنَاحَيْهِ لَمَّا كَانَ سَبَبًا لَهُ . وَقَالَ آخَر يُحْتَمَل أَنْ يَكُون الدَّاء مَا يُعْرَض فِي نَفْس الْمَرْء مِنْ التَّكَبُّر عَنْ أَكْله حَتَّى رُبَّمَا كَانَ سَبَبًا لِتَرْكِ ذَلِكَ الطَّعَام وَإِتْلَافه , وَالدَّوَاء مَا يَحْصُل مِنْ قَمْع النَّفْس وَحَمْلهَا عَلَى التَّوَاضُع . ‏

‏قَوْله : ( وَفِي الْآخَر شِفَاء ) ‏
‏فِي رِوَايَة أَبِي ذَرّ " وَفِي الْأُخْرَى " وَفِي نُسْخَة " وَالْأُخْرَى " بِحَذْفِ حَرْف الْجَرّ , وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَة سُلَيْمَان بْن بِلَال " فِي إِحْدَى جَنَاحَيْهِ دَاء وَالْآخَر شِفَاء " وَاسْتُدِلَّ بِهِ لِمَنْ يُجِيز الْعَطْف عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلَيْنِ كَالْأَخْفَشِ , وَعَلَى هَذَا فَيُقْرَأ بِخَفْضِ الْآخَر وَبِنَصْبِ شِفَاء فَعُطِفَ الْآخَر عَلَى الْأَحَد وَعُطِفَ شِفَاء عَلَى دَاء , وَالْعَامِل فِي إِحْدَى حَرْف فِي , وَالْعَامِل فِي دَاء إِنَّ , وَهُمَا عَامِلَانِ فِي الْآخَر وَشِفَاء , وَسِيبَوَيْهِ لَا يُجِيز ذَلِكَ وَيَقُول : إِنَّ حَرْف الْجَرّ حُذِفَ وَبَقِيَ الْعَمَل وَقَدْ وَقَعَ صَرِيحًا فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى " وَفِي الْأُخْرَى شِفَاء " وَيَجُوز رَفْع شِفَاء عَلَى الِاسْتِئْنَاف . وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى أَنَّ الْمَاء الْقَلِيل لَا يَنْجُس بِوُقُوعِ مَا لَا نَفْس لَهُ سَائِلَة فِيهِ وَوَجْه الِاسْتِدْلَال - كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الشَّافِعِيّ - أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْمُر بِغَمْسِ مَا يُنَجِّس الْمَاء إِذَا مَاتَ فِيهِ لِأَنَّ ذَلِكَ إِفْسَاد . وَقَالَ بَعْض مَنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ : لَا يَلْزَم مِنْ غَمْس الذُّبَاب مَوْته فَقَدْ يَغْمِسهُ بِرِفْقٍ فَلَا يَمُوت , وَالْحَيّ لَا يُنَجِّس مَا يَقَع فِيهِ كَمَا صَرَّحَ الْبَغَوِيُّ بِاسْتِنْبَاطِهِ مِنْ هَذَا الْحَدِيث . وَقَالَ أَبُو الطَّيِّب الطَّبَرِيُّ : لَمْ يَقْصِد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيث بَيَان النَّجَاسَة وَالطَّهَارَة , وَإِنَّمَا قَصَدَ بَيَان التَّدَاوِي مِنْ ضَرَر الذُّبَاب , وَكَذَا لَمْ يَقْصِد بِالنَّهْيِ عَنْ الصَّلَاة فِي مَعَاطِن الْإِبِل وَالْإِذْن فِي مَرَاح الْغَنَم طَهَارَة وَلَا نَجَاسَة وَإِنَّمَا أَشَارَ إِلَى أَنَّ الْخُشُوع لَا يُوجَد مَعَ الْإِبِل دُون الْغَنَم . قُلْت : وَهُوَ كَلَام صَحِيح , إِلَّا أَنَّهُ لَا يَمْنَع أَنْ يُسْتَنْبَط مِنْهُ حُكْم آخَر , فَإِنَّ الْأَمْر بِغَمْسِهِ يَتَنَاوَل صُوَرًا مِنْهَا أَنْ يَغْمِسهُ مُحْتَرِزًا عَنْ مَوْته كَمَا هُوَ الْمُدَّعَى هُنَا , وَأَنْ لَا يَحْتَرِز بَلْ يَغْمِسهُ سَوَاء مَاتَ أَوْ لَمْ يَمُتْ . وَيَتَنَاوَل مَا لَوْ كَانَ الطَّعَام حَارًّا فَإِنَّ الْغَالِب أَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَة يَمُوت بِخِلَافِ الطَّعَام الْبَارِد , فَلَمَّا لَمْ يَقَع التَّقْيِيد حُمِلَ عَلَى الْعُمُوم , لَكِنْ فِيهِ نَظَر لِأَنَّهُ مُطْلَق يُصَدَّق بِصُورَةٍ فَإِذَا قَامَ الدَّلِيل عَلَى صُورَة مُعَيَّنَة حُمِلَ عَلَيْهَا . وَاسْتَشْكَلَ اِبْن دَقِيق الْعِيد إِلْحَاق غَيْر الذُّبَاب بِهِ فِي الْحُكْم الْمَذْكُور بِطَرِيقٍ آخَر فَقَالَ : وَرَدَ النَّصّ فِي الذُّبَاب فَعَدُوّهُ إِلَى كُلّ مَا لَا نَفْس لَهُ سَائِلَة , وَفِيهِ نَظَر , لِجَوَازِ أَنْ تَكُون الْعِلَّة فِي الذُّبَاب قَاصِرَة وَهِيَ عُمُوم الْبَلْوَى , وَهَذِهِ مُسْتَنْبَطَة . أَوْ التَّعْلِيل بِأَنَّ فِي أَحَد جَنَاحَيْهِ دَاء وَفِي الْآخَر شِفَاء , وَهَذِهِ مَنْصُوصَة , وَهَذَانِ الْمَعْنَيَانِ لَا يُوجَدَانِ فِي غَيْره فَيَبْعُد كَوْن الْعِلَّة مُجَرَّد كَوْنه لَا دَم لَهُ سَائِل , بَلْ الَّذِي يَظْهَر أَنَّهُ جُزْء عِلَّة لَا عِلَّة كَامِلَة اِنْتَهَى . وَقَدْ رَجَّحَ جَمَاعَة مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ مَا يَعُمّ وُقُوعه فِي الْمَاء كَالذُّبَابِ وَالْبَعُوض لَا يُنَجِّس الْمَاء , وَمَا لَا يَعُمّ كَالْعَقَارِبِ يُنَجِّس , وَهُوَ قَوِيّ . وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : تَكَلَّمَ عَلَى هَذَا الْحَدِيث مَنْ لَا خَلَاق لَهُ فَقَالَ : كَيْف يَجْتَمِع الشِّفَاء وَالدَّاء فِي جَنَاحَيْ الذُّبَاب , وَكَيْف يَعْلَم ذَلِكَ مِنْ نَفْسه حَتَّى يُقَدِّم جَنَاح الشِّفَاء , وَمَا أَلْجَأَهُ إِلَى ذَلِكَ ؟ قَالَ : وَهَذَا سُؤَال جَاهِل أَوْ مُتَجَاهِل , فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْحَيَوَان قَدْ جَمَعَ الصِّفَات الْمُتَضَادَّة . وَقَدْ أَلَّفَ اللَّه بَيْنهَا وَقَهَرَهَا عَلَى الِاجْتِمَاع وَجَعَلَ مِنْهَا قُوَى الْحَيَوَان , وَإِنَّ الَّذِي أَلْهَمَ النَّحْلَة اِتِّخَاذ الْبَيْت الْعَجِيب الصَّنْعَة لِلتَّعْسِيلِ فِيهِ , وَأَلْهَمَ النَّمْلَة أَنْ تَدَّخِر قُوتهَا أَوَان حَاجَتهَا , وَأَنْ تَكْسِر الْحَبَّة نِصْفَيْنِ لِئَلَّا تَسْتَنْبِت , لَقَادِر عَلَى إِلْهَام الذُّبَابَة أَنْ تُقَدِّم جَنَاحًا وَتُؤَخِّر آخَر . وَقَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ : مَا نُقِلَ عَنْ هَذَا الْقَائِل لَيْسَ بِعَجِيبٍ , فَإِنَّ النَّحْلَة تُعَسِّل مِنْ أَعْلَاهَا وَتُلْقِي السُّمّ مِنْ أَسْفَلهَا , وَالْحَيَّة الْقَاتِل سُمّهَا تَدْخُل لُحُومهَا فِي التِّرْيَاق الَّذِي يُعَالَج بِهِ السُّمّ , وَالذُّبَابَة تُسْحَق مَعَ الْإِثْمِد لِجَلَاءِ الْبَصَر . وَذَكَرَ بَعْض حُذَّاق الْأَطِبَّاء أَنَّ فِي الذُّبَاب قُوَّة سُمِّيَّة يَدُلّ عَلَيْهَا الْوَرَم وَالْحَكَّة الْعَارِضَة عَنْ لَسْعه , وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ السِّلَاح لَهُ , فَإِذَا سَقَطَ الذُّبَاب فِيمَا يُؤْذِيه تَلَقَّاهُ بِسِلَاحِهِ , فَأَمَرَ الشَّارِع أَنْ يُقَابِل تِلْكَ السُّمِّيَّة بِمَا أَوْدَعَهُ اللَّه تَعَالَى فِي الْجَنَاح الْآخَر مِنْ الشِّفَاء فَتَتَقَابَل الْمَادَّتَانِ فَيَزُول الضَّرَر بِإِذْنِ اللَّه تَعَالَى . وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ : " ثُمَّ لِيَنْزِعهُ " عَلَى أَنَّهَا تَنْجُس بِالْمَوْتِ كَمَا هُوَ أَصَحّ الْقَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِيِّ , وَالْقَوْل الْآخَر كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَة , أَنَّهَا لَا تَنْجُس , وَاَللَّه أَعْلَم . ‏
‏( خَاتِمَة ) : ‏
‏اِشْتَمَلَ كِتَاب الطِّبّ مِنْ الْأَحَادِيث الْمَرْفُوعَة عَلَى مِائَة حَدِيث وَثَمَانِيَة عَشَر حَدِيثًا , الْمُعَلَّق مِنْهَا ثَمَانِيَة عَشَر طَرِيقًا وَالْبَقِيَّة مَوْصُولَة , الْمُكَرَّر مِنْهَا فِيهِ وَفِيمَا مَضَى خَمْسَة وَثَمَانُونَ طَرِيقًا وَالْخَالِص ثَلَاثَة وَثَلَاثُونَ , وَافَقَهُ مُسْلِم عَلَى تَخْرِيجهَا سِوَى حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة فِي نُزُول الدَّاء وَالشِّفَاء , وَحَدِيث اِبْن عَبَّاس الشِّفَاء فِي ثَلَاث , وَحَدِيث عَائِشَة فِي الْحَبَّة السَّوْدَاء , وَحَدِيث أَبِي هُرَيْرَة " فِرَّ مِنْ الْمَجْذُوم " وَحَدِيث أَنَس " رَخَّصَ لِأَهْلِ بَيْت فِي الرُّقْيَة " وَحَدِيثه أَنَّ أَبَا طَلْحَة كَوَاهُ , وَحَدِيث عَائِشَة فِي الصَّبْر عَلَى الطَّاعُون , وَحَدِيث أَنَس " اِشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِي " وَفِيهِ مِنْ الْآثَار عَنْ الصَّحَابَة فَمَنْ بَعْدهمْ سِتَّة عَشَر أَثَرًا , وَاَللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَم بِالصَّوَابِ . ‏





تاريخ التسجيل : 01/01/1970

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى