التشاجيح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

‏العين حق ونهى عن الوشم‏

اذهب الى الأسفل

‏العين حق ونهى عن الوشم‏  Empty ‏العين حق ونهى عن الوشم‏

مُساهمة من طرف  الثلاثاء أغسطس 24, 2010 7:06 am

‏العين حق ونهى عن الوشم‏

‏ ‏حدثنا ‏ ‏إسحاق بن نصر ‏ ‏حدثنا ‏ ‏عبد الرزاق ‏ ‏عن ‏ ‏معمر ‏ ‏عن ‏ ‏همام ‏ ‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏رضي الله عنه ‏
‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏العين حق ونهى عن ‏ ‏الوشم ‏





فتح الباري بشرح صحيح البخاري


‏قَوْله : ( الْعَيْن حَقّ , وَنَهَى عَنْ الْوَشْم ) ‏
‏لَمْ تَظْهَر الْمُنَاسَبَة بَيْن هَاتَيْنِ الْجُمْلَتَيْنِ , فَكَأَنَّهُمَا حَدِيثَانِ مُسْتَقِلَّانِ , وَلِهَذَا حَذَفَ مُسْلِم وَأَبُو دَاوُدَ الْجُمْلَة الثَّانِيَة مِنْ رِوَايَتهمَا مَعَ أَنَّهُمَا أَخْرَجَاهُ مِنْ رِوَايَة عَبْد الرَّزَّاق الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ مِنْ جِهَته , وَيُحْتَمَل أَنْ يُقَال : الْمُنَاسَبَة بَيْنهمَا اِشْتِرَاكهمَا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُحْدِث فِي الْعُضْو لَوْنًا غَيْر لَوْنه الْأَصْلِيّ , وَالْوَشْم بِفَتْحِ الْوَاو وَسُكُون الْمُعْجَمَة أَنْ يَغْرِز إِبْرَة أَوْ نَحْوهَا فِي مَوْضِع مِنْ الْبَدَن حَتَّى يَسِيل الدَّم ثُمَّ يُحْشَى ذَلِكَ الْمَوْضِع بِالْكُحْلِ أَوْ نَحْوه فَيَخْضَرّ , وَسَيَأْتِي بَيَان حُكْمه فِي " بَاب الْمُسْتَوْشِمَة " مِنْ أَوَاخِر كِتَاب اللِّبَاس إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى . وَقَدْ ظَهَرَتْ لِي مُنَاسَبَة بَيْن هَاتَيْنِ الْجُمْلَتَيْنِ لَمْ أَرَ مَنْ سَبَقَ إِلَيْهَا , وَهِيَ أَنَّ مِنْ جُمْلَة الْبَاعِث عَلَى عَمَل الْوَشْم تَغَيُّر صِفَة الْمَوْشُوم لِئَلَّا تُصِيبهُ الْعَيْن , فَنَهَى عَنْ الْوَشْم مَعَ إِثْبَات الْعَيْن , وَأَنَّ التَّحَيُّل بِالْوَشْمِ وَغَيْره مِمَّا لَا يَسْتَنِد إِلَى تَعْلِيم الشَّارِع لَا يُفِيد شَيْئًا , وَأَنَّ الَّذِي قَدَّرَهُ اللَّه سَيَقَعُ وَأَخْرَجَ مُسْلِم مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس رَفْعه " الْعَيْن حَقّ وَلَوْ كَانَ شَيْء سَابِق الْقَدَر لَسَبَقَتْهُ الْعَيْن , وَإِذَا اُسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا " فَأَمَّا الزِّيَادَة الْأُولَى فَفِيهَا تَأْكِيد وَتَنْبِيه عَلَى سُرْعَة نُفُوذهَا وَتَأْثِيره فِي الذَّات , وَفِيهَا إِشَارَة إِلَى الرَّدّ عَلَى مَنْ زَعَمَ مِنْ الْمُتَصَوِّفَة أَنَّ قَوْله : " الْعَيْن حَقّ " يُرِيد بِهِ الْقَدَر أَيْ الْعَيْن الَّتِي تَجْرِي مِنْهَا الْأَحْكَام , فَإِنَّ عَيْن الشَّيْء حَقِيقَته , وَالْمَعْنَى أَنَّ الَّذِي يُصِيب مِنْ الضَّرَر بِالْعَادَةِ عِنْد نَظَر النَّاظِر إِنَّمَا هُوَ بِقَدَرِ اللَّه السَّابِق لَا بِشَيْءٍ يُحْدِثهُ النَّاظِر فِي الْمَنْظُور . وَوَجْه الرَّدّ أَنَّ الْحَدِيث ظَاهِر فِي الْمُغَايَرَة بَيْن الْقَدَر وَبَيْن الْعَيْن , وَإِنْ كُنَّا نَعْتَقِد أَنَّ الْعَيْن مِنْ جُمْلَة الْمَقْدُور , لَكِنْ ظَاهِره إِثْبَات الْعَيْن الَّتِي تُصِيب إِمَّا بِمَا جَعَلَ اللَّه تَعَالَى فِيهَا مِنْ ذَلِكَ وَأَوْدَعَهُ فِيهَا , وَإِمَّا بِإِجْرَاءِ الْعَادَة بِحُدُوثِ الضَّرَر عِنْد تَحْدِيد النَّظَر , وَإِنَّمَا جَرَى الْحَدِيث مَجْرَى الْمُبَالَغَة فِي إِثْبَات الْعَيْن لَا أَنَّهُ يُمْكِن أَنْ يَرُدّ الْقَدَر شَيْء إِذْ الْقَدَر عِبَارَة عَنْ سَابِق عِلْم اللَّه , وَهُوَ لَا رَادّ لِأَمْرِهِ , أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الْقُرْطُبِيّ . وَحَاصِله لَوْ فُرِضَ أَنَّ شَيْئًا لَهُ قُوَّة بِحَيْثُ يَسْبِق الْقَدَر لَكَانَ الْعَيْن . لَكِنَّهَا لَا تُسْبَق , فَكَيْف غَيْرهَا ؟ وَقَدْ أَخْرَجَ الْبَزَّار مِنْ حَدِيث جَابِر بِسَنَدٍ حَسَن عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَكْثَر مَنْ يَمُوت مِنْ أُمَّتِي بَعْد قَضَاء اللَّه وَقَدَره بِالْأَنْفُسِ " قَالَ الرَّاوِي : يَعْنِي بِالْعَيْنِ . وَقَالَ النَّوَوِيّ : فِي الْحَدِيث إِثْبَات الْقَدَر وَصِحَّة أَمْر الْعَيْن وَأَنَّهَا قَوِيَّة الضَّرَر , وَأَمَّا الزِّيَادَة الثَّانِيَة وَهِيَ أَمْر الْعَايِنِ بِالِاغْتِسَالِ عِنْد طَلَب الْمَعْيُونِ مِنْهُ ذَلِكَ فَفِيهَا إِشَارَة إِلَى أَنَّ الِاغْتِسَال لِذَلِكَ كَانَ مَعْلُومًا بَيْنهمْ , فَأَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَمْتَنِعُوا مِنْهُ إِذَا أُرِيدَ مِنْهُمْ , وَأَدْنَى مَا فِي ذَلِكَ رَفْع الْوَهْم الْحَاصِل فِي ذَلِكَ , وَظَاهِر الْأَمْر الْوُجُوب . وَحَكَى الْمَازِرِيّ فِيهِ خِلَافًا وَصَحَّحَ الْوُجُوب وَقَالَ : مَتَى خَشِيَ الْهَلَاك وَكَانَ اِغْتِسَال الْعَائِن مِمَّا جَرَتْ الْعَادَة بِالشِّفَاءِ بِهِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّن , وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ يُجْبَر عَلَى بَذْل الطَّعَام لِلْمُضْطَرِّ وَهَذَا أَوْلَى , وَلَمْ يُبَيِّن فِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس صِفَة الِاغْتِسَال , وَقَدْ وَقَعَتْ فِي حَدِيث سَهْل بْن حُنَيْفٍ عِنْد أَحْمَد وَالنَّسَائِيِّ وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّان مِنْ طَرِيق الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْن سَهْل بْن حُنَيْفٍ " أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ وَسَارُوا مَعَهُ نَحْو مَاء , حَتَّى إِذَا كَانُوا بِشِعْبِ الْخَزَّارِ مِنْ الْجُحْفَة اِغْتَسَلَ سَهْل بْن حُنَيْفٍ - وَكَانَ أَبْيَض حَسَن الْجِسْم وَالْجِلْد - فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَامِر بْن رَبِيعَة فَقَالَ : مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْد مُخَبَّأَة , فَلُبِطَ - أَيْ صُرِعَ وَزْنًا وَمَعْنًى - سَهْل . فَأَتَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : هَلْ تَتَّهِمُونَ بِهِ مِنْ أَحَد ؟ قَالُوا . عَامِر بْن رَبِيعَة . فَدَعَا عَامِرًا فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ فَقَالَ : عَلَامَ يَقْتُل أَحَدكُمْ أَخَاهُ ؟ هَلَّا إِذَا رَأَيْت مَا يُعْجِبك بَرَّكْت . ثُمَّ قَالَ : اِغْتَسِلْ لَهُ , فَغَسَلَ وَجْهه وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَاف رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَة إِزَاره فِي قَدَح , ثُمَّ يَصُبّ ذَلِكَ الْمَاء عَلَيْهِ رَجُل مِنْ خَلْفه عَلَى رَأْسه وَظَهْره ثُمَّ يُكْفَأ الْقَدْح ; فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ , فَرَاحَ سَهْل مَعَ النَّاس لَيْسَ بِهِ بَأْس " لَفْظ أَحْمَد مِنْ رِوَايَة أَبِي أُوَيْس عَنْ الزُّهْرِيِّ , وَلَفْظ النَّسَائِيِّ مِنْ رِوَايَة اِبْن أَبِي ذِئْب عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا السَّنَد أَنَّهُ يَصُبّ صَبَّة عَلَى وَجْهه بِيَدِهِ الْيُمْنَى , وَكَذَلِكَ سَائِر أَعْضَائِهِ صَبَّة صَبَّة فِي الْقَدَح , وَقَالَ فِي آخِره " ثُمَّ يُكْفَأ الْقَدَح وَرَاءَهُ عَلَى الْأَرْض " وَوَقَعَ فِي رِوَايَة اِبْن مَاجَهْ مِنْ طَرِيق اِبْن عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ عَامِر بْن رَبِيعَة مَرَّ بِسَهْلِ بْن حُنَيْفٍ وَهُوَ يَغْتَسِل , فَذَكَرَ الْحَدِيث وَفِيهِ " فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ . ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَأَمَرَ عَامِرًا أَنْ يَتَوَضَّأ فَيَغْسِل وَجْهه وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَرُكْبَتَيْهِ وَدَاخِلَة إِزَاره , وَأَمَرَهُ أَنْ يَصُبّ عَلَيْهِ " قَالَ سُفْيَان قَالَ مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيِّ : " وَأَمَرَ أَنْ يُكْفَأ الْإِنَاء مِنْ خَلْفه " قَالَ الْمَازِرِيّ : الْمُرَاد بِدَاخِلَةِ الْإِزَار الطَّرَف الْمُتَدَلِّي الَّذِي يَلِي حَقْوه الْأَيْمَن , قَالَ فَظَنَّ بَعْضهمْ أَنَّهُ كِنَايَة عَنْ الْفَرْج اِنْتَهَى . وَزَادَ عِيَاض أَنَّ الْمُرَاد مَا يَلِي جَسَده مِنْ الْإِزَار , وَقِيلَ : أَرَادَ مَوْضِع الْإِزَار مِنْ الْجَسَد , وَقِيلَ : أَرَادَ وَرِكه لِأَنَّهُ مَعْقِد الْإِزَار . وَالْحَدِيث فِي " الْمُوَطَّأ " وَفِيهِ عَنْ مَالِك " حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أَبِي أُمَامَةَ بْن سَهْل أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُول , اِغْتَسَلَ سَهْل - فَذَكَرَ نَحْوه وَفِيهِ - فَنَزَعَ جُبَّة كَانَتْ عَلَيْهِ وَعَامِر بْن رَبِيعَة يَنْظُر فَقَالَ : مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْد عَذْرَاء , فَوُعِكَ سَهْل مَكَانه وَاشْتَدَّ وَعَكه - وَفِيهِ - أَلَا بَرَّكْت ؟ إِنَّ الْعَيْن حَقّ , تَوَضَّأَ لَهُ , فَتَوَضَّأَ لَهُ عَامِر فَرَاحَ سَهْل لَيْسَ بِهِ بَأْس " . ‏
‏( تَنْبِيهَات ) : ‏
‏الْأَوَّل : اِقْتَصَرَ النَّوَوِيّ فِي " الْأَذْكَار " عَلَى قَوْله : الِاسْتِغْسَال أَنْ يُقَال لِلْعَائِنِ : اِغْسِلْ دَاخِلَة إِزَارك مِمَّا يَلِي الْجِلْد , فَإِذَا فَعَلَ صَبَّهُ عَلَى الْمَنْظُور إِلَيْهِ . وَهَذَا يُوهِم الِاقْتِصَار عَلَى ذَلِكَ , وَهُوَ عَجِيب , وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ نُقِلَ فِي " شَرْح مُسْلِم " كَلَام عِيَاض بِطُولِهِ . الثَّانِي : قَالَ الْمَازِرِيّ هَذَا الْمَعْنَى مِمَّا لَا يُمْكِن تَعْلِيله وَمَعْرِفَة وَجْهه مِنْ جِهَة الْعَقْل , فَلَا يُرَدّ لِكَوْنِهِ لَا يُعْقَل مَعْنَاهُ . وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : إِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ مُتَشَرِّع قُلْنَا لَهُ : قُلْ اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم , وَقَدْ عَضَّدَتْهُ التَّجْرِبَة وَصَدَّقَتْهُ الْمُعَايَنَة . أَوْ مُتَفَلْسِف فَالرَّدّ عَلَيْهِ أَظْهَر لِأَنَّ عِنْده أَنَّ الْأَدْوِيَة تُفْعَل بِقُوَاهَا , وَقَدْ تُفْعَل بِمَعْنًى لَا يُدْرَك , وَيُسَمُّونَ مَا هَذَا سَبِيله الْخَوَاصّ , وَقَالَ اِبْن الْقَيِّم : هَذِهِ الْكَيْفِيَّة لَا يَنْتَفِع بِهَا مَنْ أَنْكَرَهَا وَلَا مَنْ سَخِرَ مِنْهَا وَلَا مَنْ شَكَّ فِيهَا أَوْ فَعَلَهَا مُجَرِّبًا غَيْر مُعْتَقِد , وَإِذَا كَانَ فِي الطَّبِيعَة خَوَاصّ لَا يَعْرِف الْأَطِبَّاء عِلَلهَا بَلْ هِيَ عِنْدهمْ خَارِجَة عَنْ الْقِيَاس وَإِنَّمَا تُفْعَل بِالْخَاصِّيَّةِ فَمَا الَّذِي تُنْكِر جَهَلَتهمْ مِنْ الْخَوَاصّ الشَّرْعِيَّة ؟ هَذَا مَعَ أَنَّ فِي الْمُعَالَجَة بِالِاغْتِسَالِ مُنَاسَبَة لَا تَأْبَاهَا الْعُقُول الصَّحِيحَة , فَهَذَا تِرْيَاق سُمّ الْحَيَّة يُؤْخَذ مِنْ لَحْمهَا , وَهَذَا عِلَاج النَّفْس الْغَضَبِيَّة تُوضَع الْيَد عَلَى بَدَن الْغَضْبَان فَيَسْكُن , فَكَانَ أَثَر تِلْكَ الْعَيْن كَشُعْلَةِ نَار وَقَعَتْ عَلَى جَسَد , فَفِي الِاغْتِسَال إِطْفَاء لِتِلْكَ الشُّعْلَة . ثُمَّ لَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْكَيْفِيَّة الْخَبِيثَة تَظْهَر فِي الْمَوَاضِع الرَّقِيقَة مِنْ الْجَسَد لِشِدَّةِ النُّفُوذ فِيهَا , وَلَا شَيْء أَرَقّ مِنْ الْمَغَابِن , فَكَانَ فِي غَسْلهَا إِبْطَال لِعَمَلِهَا , وَلَا سِيَّمَا أَنَّ لِلْأَرْوَاحِ الشَّيْطَانِيَّة فِي تِلْكَ الْمَوَاضِع اِخْتِصَاصًا . وَفِيهِ أَيْضًا وُصُول أَثَر الْغَسْل إِلَى الْقَلْب مِنْ أَرَقّ الْمَوَاضِع وَأَسْرَعهَا نَفَاذًا , فَتَنْطَفِئ تِلْكَ النَّار الَّتِي أَثَارَتْهَا الْعَيْن بِهَذَا الْمَاء . الثَّالِث : هَذَا الْغَسْل يَنْفَع بَعْد اِسْتِحْكَام النَّظْرَة , فَأَمَّا عِنْد الْإِصَابَة وَقَبْل الِاسْتِحْكَام فَقَدْ أَرْشَدَ الشَّارِع إِلَى مَا يَدْفَعهُ بِقَوْلِهِ فِي قِصَّة سَهْل بْن حُنَيْفٍ الْمَذْكُورَة كَمَا مَضَى " أَلَا بَرَّكْت عَلَيْهِ " وَفِي رِوَايَة اِبْن مَاجَهْ " فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ " وَمِثْله عِنْد اِبْن السُّنِّيّ مِنْ حَدِيث عَامِر بْن رَبِيعَة , وَأَخْرَجَ الْبَزَّار وَابْن السُّنِّيّ مِنْ حَدِيث أَنَس رَفَعَهُ " مَنْ رَأَى شَيْئًا فَأَعْجَبَهُ فَقَالَ : مَا شَاءَ اللَّه لَا قُوَّة إِلَّا بِاَللَّهِ , لَمْ يَضُرّهُ " . وَفِي الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد أَيْضًا أَنَّ الْعَائِن إِذَا عُرِفَ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالِاغْتِسَالِ , وَأَنَّ الِاغْتِسَال مِنْ النَّشْرَة النَّافِعَة , وَأَنَّ الْعَيْن تَكُون مَعَ الْإِعْجَاب وَلَوْ بِغَيْرِ حَسَد , وَلَوْ مِنْ الرَّجُل الْمُحِبّ , وَمِنْ الرَّجُل الصَّالِح , وَأَنَّ الَّذِي يُعْجِبهُ الشَّيْء يَنْبَغِي أَنْ يُبَادِر إِلَى الدُّعَاء لِلَّذِي يُعْجِبهُ بِالْبَرَكَةِ , وَيَكُون ذَلِكَ رُقْيَة مِنْهُ , وَأَنَّ الْمَاء الْمُسْتَعْمَل طَاهِر , وَفِيهِ جَوَاز الِاغْتِسَال بِالْفَضَاءِ , وَأَنَّ الْإِصَابَة بِالْعَيْنِ قَدْ تَقْتُل . وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي جَرَيَان الْقِصَاص بِذَلِكَ فَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : لَوْ أَتْلَفَ الْعَائِن شَيْئًا ضَمِنَهُ , وَلَوْ قَتَلَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاص أَوْ الدِّيَة إِذَا تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ بِحَيْثُ يَصِير عَادَة , وَهُوَ فِي ذَلِكَ كَالسَّاحِرِ عِنْد مَنْ لَا يَقْتُلهُ كُفْرًا , اِنْتَهَى . وَلَمْ يَتَعَرَّض الشَّافِعِيَّة لِلْقِصَاصِ فِي ذَلِكَ , بَلْ مَنَعُوهُ وَقَالُوا : إِنَّهُ لَا يُقْتَل غَالِبًا وَلَا يُعَدّ مُهْلِكًا . وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي " الرَّوْضَة : وَلَا دِيَة فِيهِ وَلَا كَفَّارَة . لِأَنَّ الْحُكْم إِنَّمَا يَتَرَتَّب عَلَى مُنْضَبِطٍ عَامّ دُون مَا يَخْتَصّ بِبَعْضِ النَّاس فِي بَعْض الْأَحْوَال مِمَّا لَا اِنْضِبَاط لَهُ , كَيْف وَلَمْ يَقَع مِنْهُ فِعْل أَصْلًا , وَإِنَّمَا غَايَته حَسَد وَتَمَنٍّ لِزَوَالِ نِعْمَة . وَأَيْضًا فَاَلَّذِي يَنْشَأ عَنْ الْإِصَابَة بِالْعَيْنِ حُصُول مَكْرُوه لِذَلِكَ الشَّخْص , وَلَا يَتَعَيَّن ذَلِكَ الْمَكْرُوه فِي زَوَال الْحَيَاة , فَقَدْ يَحْصُل لَهُ مَكْرُوه بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَثَر الْعَيْن ا ه . وَلَا يُعَكِّر عَلَى ذَلِكَ إِلَّا الْحُكْم بِقَتْلِ السَّاحِر فَإِنَّهُ فِي مَعْنَاهُ , وَالْفَرْق بَيْنهمَا فِيهِ عُسْر . وَنَقَلَ اِبْن بَطَّال عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ مَنْع الْعَائِن إِذَا عُرِفَ بِذَلِكَ مِنْ مُدَاخَلَة النَّاس وَأَنْ يَلْزَم بَيْته , فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا رَزَقَهُ مَا يَقُوم بِهِ , فَإِنَّ ضَرَره أَشَدّ مِنْ ضَرَر الْمَجْذُوم الَّذِي أَمَرَ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ بِمَنْعِهِ مِنْ مُخَالَطَة النَّاس كَمَا تَقَدَّمَ وَاضِحًا فِي بَابه , وَأَشَدّ مِنْ ضَرَر الثُّوم الَّذِي مَنَعَ الشَّارِع آكِله مِنْ حُضُور الْجَمَاعَة . قَالَ النَّوَوِيّ : وَهَذَا الْقَوْل صَحِيح مُتَعَيِّن لَا يُعْرَف عَنْ غَيْره تَصْرِيح بِخِلَافِهِ . ‏


















تاريخ التسجيل : 01/01/1970

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى