ويحك قطعت عنق صاحبك يقوله مرارا إن كان أحدكم مادحا
التشاجيح :: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ
صفحة 1 من اصل 1
ويحك قطعت عنق صاحبك يقوله مرارا إن كان أحدكم مادحا
ويحك قطعت عنق صاحبك يقوله مرارا إن كان أحدكم مادحا
حدثنا آدم حدثنا شعبة عن خالد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه
أن رجلا ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فأثنى عليه رجل خيرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم ويحك قطعت عنق صاحبك يقوله مرارا إن كان أحدكم مادحا لا محالة فليقل أحسب كذا وكذا إن كان يرى أنه كذلك وحسيبه الله ولا يزكي على الله أحدا
قال وهيب عن خالد ويلك
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قَوْله : ( عَنْ خَالِد )
هُوَ الْحَذَّاء وَصَرَّحَ بِهِ مُسْلِم فِي رِوَايَته مِنْ طَرِيق غُنْدَر عَنْ شُعْبَة .
قَوْله : ( أَنَّ رَجُلًا ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَثْنَى عَلَيْهِ رَجُلٌ خَيْرًا )
وَفِي رِوَايَة غُنْدَر " فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه مَا مِنْ رَجُل بَعْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَل مِنْهُ فِي كَذَا وَكَذَا " لَعَلَّهُ يَعْنِي الصَّلَاة لِمَا سَيَأْتِي .
قَوْله : ( وَيْحك )
هِيَ كَلِمَة رَحْمَة وَتَوَجُّع , وَوَيْل كَلِمَة عَذَاب , وَقَدْ تَأْتِي مَوْضِع وَيْح كَمَا سَأَذْكُرُهُ .
قَوْله : ( قَطَعْت عُنُق صَاحِبك يَقُولهُ مِرَارًا )
فِي رِوَايَة يَزِيد بْن زُرَيْعٍ عَنْ خَالِد الْحَذَّاء الَّتِي مَضَتْ فِي الشَّهَادَات " وَيْحك قَطَعْت عُنُق صَاحِبك , قَطَعْت عُنُق صَاحِبك , مِرَارًا " وَبَيَّنَ فِي رِوَايَة وُهَيْب الَّتِي سَأُنَبِّهُ عَلَيْهَا بَعْد أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثًا .
قَوْله : ( إِنْ كَانَ أَحَدكُمْ )
فِي رِوَايَة يَزِيد بْن زُرَيْعٍ " وَقَالَ إِنْ كَانَ "
قَوْله : ( لَا مَحَالَة )
أَيْ لَا حِيلَة لَهُ فِي تَرْك ذَلِكَ وَهِيَ بِمَعْنَى لَا بُدَّ وَالْمِيم زَائِدَة , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون مِنْ الْحَوْل أَيْ الْقُوَّة وَالْحَرَكَة .
قَوْله : ( فَلْيَقُلْ أَحْسِب كَذَا وَكَذَا إِنْ كَانَ يُرَى )
بِضَمِّ أَوَّله أَيْ يُظَنّ وَوَقَعَ فِي رِوَايَة يَزِيد بْن زُرَيْعٍ " إِنْ كَانَ يَعْلَم ذَلِكَ " وَكَذَا فِي رِوَايَة وُهَيْب .
قَوْله : ( وَاَللَّه حَسِيبه )
بِفَتْحِ أَوَّله وَكَسْر ثَانِيه وَبَعْد التَّحْتَانِيَّة السَّاكِنَة مُوَحَّدَة أَيْ كَافِيهِ , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون هُنَا فَعِيل مِنْ الْحِسَاب أَيْ مُحَاسَبَة عَلَى عَمَله الَّذِي يَعْلَم حَقِيقَته , وَهِيَ جُمْلَة اِعْتِرَاضِيَّة , وَقَالَ الطِّيبِيُّ : هِيَ مِنْ تَتِمَّة الْمَقُول , وَالْجُمْلَة الشَّرْطِيَّة حَال مِنْ فَاعِل فَلْيَقُلْ , وَالْمَعْنَى فَلْيَقُلْ أَحْسِب أَنَّ فُلَانًا كَذَا إِنْ كَانَ يُحْسَب ذَلِكَ مِنْهُ , وَاَللَّه يَعْلَم سِرّه لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُجَازِيه , وَلَا يَقُلْ أَتَيَقَّن وَلَا أَتَحَقَّق جَازِمًا بِذَلِكَ .
قَوْله : ( وَلَا يُزَكَّى عَلَى اللَّه أَحَد )
كَذَا لِأَبِي ذَرّ عَنْ الْمُسْتَمْلِيّ وَالسَّرَخْسِيّ بِفَتْحِ الْكَاف عَلَى الْبِنَاء لِلْمَجْهُولِ وَفِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ " وَلَا يُزَكِّي " بِكَسْرِ الْكَاف عَلَى الْبِنَاء لِلْفَاعِلِ وَهُوَ الْمُخَاطَب أَوَّلًا الْمَقُول لَهُ فَلْيَقُلْ , وَكَذَا فِي أَكْثَر الرِّوَايَات , وَفِي رِوَايَة غُنْدَر " وَلَا أُزَكِّي " بِهَمْزَةِ بَدَل التَّحْتَانِيَّة أَيْ لَا أَقْطَع عَلَى عَاقِبَة أَحَد وَلَا عَلَى مَا فِي ضَمِيره لِكَوْنِ ذَلِكَ مُغَيَّبًا عَنْهُ , وَجِيءَ بِذَلِكَ بِلَفْظِ الْخَبَر وَمَعْنَاهُ النَّهْي أَيْ لَا تُزَكُّوا أَحَدًا عَلَى اللَّه لِأَنَّهُ أَعْلَم بِكُمْ مِنْكُمْ .
قَوْله : ( قَالَ وُهَيْب عَنْ خَالِد )
يَعْنِي بِسَنَدِهِ الْمُتَقَدِّم
( وَيْلك )
أَيْ وَقَعَ فِي رِوَايَته وَيْلك بَدَل وَيْحك , وَسَتَأْتِي رِوَايَة وُهَيْب مَوْصُولَة فِي " بَاب مَا جَاءَ فِي قَوْل الرَّجُل وَيْلك " وَيَأْتِي شَرْح هَذِهِ اللَّفْظَة هُنَاكَ . قَالَ اِبْن بَطَّال : حَاصِل النَّهْي أَنَّ مَنْ أَفْرَطَ فِي مَدْح آخَر بِمَا لَيْسَ فِيهِ لَمْ يَأْمَن عَلَى الْمَمْدُوح الْعُجْب لِظَنِّهِ أَنَّهُ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَة , فَرُبَّمَا ضَيَّعَ الْعَمَل وَالِازْدِيَاد مِنْ الْخَيْر اِتِّكَالًا عَلَى مَا وُصِفَ بِهِ , وَلِذَلِكَ تَأَوَّلَ الْعُلَمَاء فِي الْحَدِيث الْآخَر " اُحْثُوا فِي وُجُوه الْمَدَّاحِينَ التُّرَاب " أَنَّ الْمُرَاد مَنْ يَمْدَح النَّاس فِي وُجُوههمْ بِالْبَاطِلِ , وَقَالَ عُمَر : الْمَدْح هُوَ الذَّبْح . قَالَ : وَأَمَّا مَنْ مُدِحَ بِمَا فِيهِ فَلَا يَدْخُل فِي النَّهْي , فَقَدْ مُدِحَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشِّعْر وَالْخُطَب وَالْمُخَاطَبَة وَلَمْ يَحْثُ فِي وَجْه مَادِحه تُرَابًا . اِنْتَهَى مُلَخَّصًا . فَأَمَّا الْحَدِيث الْمُشَار إِلَيْهِ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ حَدِيث الْمِقْدَاد , وَلِلْعُلَمَاءِ فِيهِ خَمْسَة أَقْوَال : أَحَدهَا هَذَا وَهُوَ حَمْله عَلَى ظَاهِره وَاسْتَعْمَلَهُ الْمِقْدَاد رَاوِي الْحَدِيث , وَالثَّانِي الْخَيْبَة وَالْحِرْمَان كَقَوْلِهِمْ لِمَنْ رَجَعَ خَائِبًا رَجَعَ وَكَفّه مَمْلُوءَة تُرَابًا . وَالثَّالِث قُولُوا لَهُ بِفِيك التُّرَاب , وَالْعَرَب تَسْتَعْمِل ذَلِكَ لِمَنْ تَكْرَه قَوْله . وَالرَّابِع أَنَّ ذَلِكَ يَتَعَلَّق بِالْمَمْدُوحِ كَأَنْ يَأْخُذ تُرَابًا فَيَبْذُرهُ بَيْنَ يَدَيْهِ يَتَذَكَّر بِذَلِكَ مَصِيره إِلَيْهِ فَلَا يَطْغَى بِالْمَدْحِ الَّذِي سَمِعَهُ . وَالْخَامِس الْمُرَاد بِحَثْوِ التُّرَاب فِي وَجْه الْمَادِح إِعْطَاؤُهُ مَا طُلِبَ لِأَنَّ كُلّ الَّذِي فَوْق التُّرَاب تُرَاب , وَبِهَذَا جَزَمَ الْبَيْضَاوِيّ وَقَالَ : شَبَّهَ الْإِعْطَاء بِالْحَثْيِ عَلَى سَبِيل التَّرْشِيح وَالْمُبَالَغَة فِي التَّقْلِيل وَالِاسْتِهَانَة , قَالَ الطِّيبِيُّ : وَيَحْتَمِل أَنْ يُرَاد رَفْعُهُ عَنْهُ وَقَطْع لِسَانه عَنْ عِرْضه بِمَا يُرْضِيه مِنْ الرَّضْخ , وَالدَّافِع قَدْ يَدْفَع خَصْمه بِحَثْيِ التُّرَاب عَلَى وَجْهه اِسْتِهَانَة بِهِ . وَأَمَّا الْأَثَر عَنْ عُمَر فَوَرَدَ مَرْفُوعًا أَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ وَأَحْمَد مِنْ حَدِيث مُعَاوِيَة " سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول " فَذَكَرَهُ بِلَفْظِ " إِيَّاكُمْ وَالتَّمَادُح فَإِنَّهُ الذَّبْح " وَإِلَى لَفْظ هَذِهِ الرِّوَايَة رَمَزَ الْبُخَارِيّ فِي التَّرْجَمَة , وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي " الشُّعَب " مُطَوَّلًا وَفِيهِ " وَإِيَّاكُمْ وَالْمَدْح فَإِنَّهُ مِنْ الذَّبْح " وَأَمَّا مَا مُدِحَ بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ أَرْشَدَ مَادِحِيهِ إِلَى مَا يَجُوز مِنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى عِيسَى اِبْن مَرْيَم " الْحَدِيث , وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانه فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء , وَقَدْ ضَبَطَ الْعُلَمَاء الْمُبَالَغَة الْجَائِزَة مِنْ الْمُبَالَغَة الْمَمْنُوعَة بِأَنَّ الْجَائِزَة يَصْحَبهَا شَرْط أَوْ تَقْرِيب , وَالْمَمْنُوعَة بِخِلَافِهَا , وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا جَاءَ عَنْ الْمَعْصُوم فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاج إِلَى قَيْد كَالْأَلْفَاظِ الَّتِي وَصَفَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا بَعْض الصَّحَابَة مِثْل قَوْله لِابْنِ عَمْرو " نِعْمَ الْعَبْد عَبْد اللَّه " وَغَيْر ذَلِكَ وَقَالَ الْغَزَالِيّ فِي " الْإِحْيَاء " آفَة الْمَدْح فِي الْمَادِح أَنَّهُ قَدْ يَكْذِب وَقَدْ يُرَائِي الْمَمْدُوح بِمَدْحِهِ وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ فَاسِقًا أَوْ ظَالِمًا , فَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيث أَنَس رَفَعَهُ " إِذَا مُدِحَ الْفَاسِق غَضِبَ الرَّبّ " أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى وَابْن أَبِي الدُّنْيَا فِي الصَّمْت , وَفِي سَنَده ضَعْف , وَقَدْ يَقُول مَا لَا يَتَحَقَّقهُ مِمَّا لَا سَبِيل لَهُ إِلَى الِاطِّلَاع عَلَيْهِ , وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَلْيَقُلْ أَحْسِب " وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ إِنَّهُ وَرِع وَمُتَّقٍ وَزَاهِد , بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ : رَأَيْته يُصَلِّي أَوْ يَحُجّ أَوْ يُزَكِّي فَإِنَّهُ يُمْكِنهُ الِاطِّلَاع عَلَى ذَلِكَ , وَلَكِنْ تَبْقَى الْآفَة عَلَى الْمَمْدُوح , فَإِنَّهُ لَا يَأْمَن أَنْ يُحْدِث فِيهِ الْمَدْح كِبْرًا أَوْ إِعْجَابًا أَوْ يَكِلهُ عَلَى مَا شَهَرَهُ بِهِ الْمَادِح فَيَفْتُر عَنْ الْعَمَل ; لِأَنَّ الَّذِي يَسْتَمِرّ فِي الْعَمَل غَالِبًا هُوَ الَّذِي يَعُدّ نَفْسه مُقَصِّرًا , فَإِنْ سَلِمَ الْمَدْح مِنْ هَذِهِ الْأُمُور لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْس , وَرُبَّمَا كَانَ مُسْتَحَبًّا , قَالَ اِبْن عُيَيْنَةَ : مَنْ عَرَفَ نَفْسه لَمْ يَضُرّهُ الْمَدْح , وَقَالَ بَعْض السَّلَف : إِذَا مُدِحَ الرَّجُل فِي وَجْهه فَلْيَقُلْ : اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي مَا لَا يَعْلَمُونَ , وَلَا تُؤَاخِذنِي بِمَا يَقُولُونَ , وَاجْعَلْنِي خَيْرًا مِمَّا يَظُنُّونَ , أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي " الشُّعَب " .
حدثنا آدم حدثنا شعبة عن خالد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه
أن رجلا ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فأثنى عليه رجل خيرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم ويحك قطعت عنق صاحبك يقوله مرارا إن كان أحدكم مادحا لا محالة فليقل أحسب كذا وكذا إن كان يرى أنه كذلك وحسيبه الله ولا يزكي على الله أحدا
قال وهيب عن خالد ويلك
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قَوْله : ( عَنْ خَالِد )
هُوَ الْحَذَّاء وَصَرَّحَ بِهِ مُسْلِم فِي رِوَايَته مِنْ طَرِيق غُنْدَر عَنْ شُعْبَة .
قَوْله : ( أَنَّ رَجُلًا ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَثْنَى عَلَيْهِ رَجُلٌ خَيْرًا )
وَفِي رِوَايَة غُنْدَر " فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه مَا مِنْ رَجُل بَعْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَل مِنْهُ فِي كَذَا وَكَذَا " لَعَلَّهُ يَعْنِي الصَّلَاة لِمَا سَيَأْتِي .
قَوْله : ( وَيْحك )
هِيَ كَلِمَة رَحْمَة وَتَوَجُّع , وَوَيْل كَلِمَة عَذَاب , وَقَدْ تَأْتِي مَوْضِع وَيْح كَمَا سَأَذْكُرُهُ .
قَوْله : ( قَطَعْت عُنُق صَاحِبك يَقُولهُ مِرَارًا )
فِي رِوَايَة يَزِيد بْن زُرَيْعٍ عَنْ خَالِد الْحَذَّاء الَّتِي مَضَتْ فِي الشَّهَادَات " وَيْحك قَطَعْت عُنُق صَاحِبك , قَطَعْت عُنُق صَاحِبك , مِرَارًا " وَبَيَّنَ فِي رِوَايَة وُهَيْب الَّتِي سَأُنَبِّهُ عَلَيْهَا بَعْد أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثًا .
قَوْله : ( إِنْ كَانَ أَحَدكُمْ )
فِي رِوَايَة يَزِيد بْن زُرَيْعٍ " وَقَالَ إِنْ كَانَ "
قَوْله : ( لَا مَحَالَة )
أَيْ لَا حِيلَة لَهُ فِي تَرْك ذَلِكَ وَهِيَ بِمَعْنَى لَا بُدَّ وَالْمِيم زَائِدَة , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون مِنْ الْحَوْل أَيْ الْقُوَّة وَالْحَرَكَة .
قَوْله : ( فَلْيَقُلْ أَحْسِب كَذَا وَكَذَا إِنْ كَانَ يُرَى )
بِضَمِّ أَوَّله أَيْ يُظَنّ وَوَقَعَ فِي رِوَايَة يَزِيد بْن زُرَيْعٍ " إِنْ كَانَ يَعْلَم ذَلِكَ " وَكَذَا فِي رِوَايَة وُهَيْب .
قَوْله : ( وَاَللَّه حَسِيبه )
بِفَتْحِ أَوَّله وَكَسْر ثَانِيه وَبَعْد التَّحْتَانِيَّة السَّاكِنَة مُوَحَّدَة أَيْ كَافِيهِ , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون هُنَا فَعِيل مِنْ الْحِسَاب أَيْ مُحَاسَبَة عَلَى عَمَله الَّذِي يَعْلَم حَقِيقَته , وَهِيَ جُمْلَة اِعْتِرَاضِيَّة , وَقَالَ الطِّيبِيُّ : هِيَ مِنْ تَتِمَّة الْمَقُول , وَالْجُمْلَة الشَّرْطِيَّة حَال مِنْ فَاعِل فَلْيَقُلْ , وَالْمَعْنَى فَلْيَقُلْ أَحْسِب أَنَّ فُلَانًا كَذَا إِنْ كَانَ يُحْسَب ذَلِكَ مِنْهُ , وَاَللَّه يَعْلَم سِرّه لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُجَازِيه , وَلَا يَقُلْ أَتَيَقَّن وَلَا أَتَحَقَّق جَازِمًا بِذَلِكَ .
قَوْله : ( وَلَا يُزَكَّى عَلَى اللَّه أَحَد )
كَذَا لِأَبِي ذَرّ عَنْ الْمُسْتَمْلِيّ وَالسَّرَخْسِيّ بِفَتْحِ الْكَاف عَلَى الْبِنَاء لِلْمَجْهُولِ وَفِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ " وَلَا يُزَكِّي " بِكَسْرِ الْكَاف عَلَى الْبِنَاء لِلْفَاعِلِ وَهُوَ الْمُخَاطَب أَوَّلًا الْمَقُول لَهُ فَلْيَقُلْ , وَكَذَا فِي أَكْثَر الرِّوَايَات , وَفِي رِوَايَة غُنْدَر " وَلَا أُزَكِّي " بِهَمْزَةِ بَدَل التَّحْتَانِيَّة أَيْ لَا أَقْطَع عَلَى عَاقِبَة أَحَد وَلَا عَلَى مَا فِي ضَمِيره لِكَوْنِ ذَلِكَ مُغَيَّبًا عَنْهُ , وَجِيءَ بِذَلِكَ بِلَفْظِ الْخَبَر وَمَعْنَاهُ النَّهْي أَيْ لَا تُزَكُّوا أَحَدًا عَلَى اللَّه لِأَنَّهُ أَعْلَم بِكُمْ مِنْكُمْ .
قَوْله : ( قَالَ وُهَيْب عَنْ خَالِد )
يَعْنِي بِسَنَدِهِ الْمُتَقَدِّم
( وَيْلك )
أَيْ وَقَعَ فِي رِوَايَته وَيْلك بَدَل وَيْحك , وَسَتَأْتِي رِوَايَة وُهَيْب مَوْصُولَة فِي " بَاب مَا جَاءَ فِي قَوْل الرَّجُل وَيْلك " وَيَأْتِي شَرْح هَذِهِ اللَّفْظَة هُنَاكَ . قَالَ اِبْن بَطَّال : حَاصِل النَّهْي أَنَّ مَنْ أَفْرَطَ فِي مَدْح آخَر بِمَا لَيْسَ فِيهِ لَمْ يَأْمَن عَلَى الْمَمْدُوح الْعُجْب لِظَنِّهِ أَنَّهُ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَة , فَرُبَّمَا ضَيَّعَ الْعَمَل وَالِازْدِيَاد مِنْ الْخَيْر اِتِّكَالًا عَلَى مَا وُصِفَ بِهِ , وَلِذَلِكَ تَأَوَّلَ الْعُلَمَاء فِي الْحَدِيث الْآخَر " اُحْثُوا فِي وُجُوه الْمَدَّاحِينَ التُّرَاب " أَنَّ الْمُرَاد مَنْ يَمْدَح النَّاس فِي وُجُوههمْ بِالْبَاطِلِ , وَقَالَ عُمَر : الْمَدْح هُوَ الذَّبْح . قَالَ : وَأَمَّا مَنْ مُدِحَ بِمَا فِيهِ فَلَا يَدْخُل فِي النَّهْي , فَقَدْ مُدِحَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشِّعْر وَالْخُطَب وَالْمُخَاطَبَة وَلَمْ يَحْثُ فِي وَجْه مَادِحه تُرَابًا . اِنْتَهَى مُلَخَّصًا . فَأَمَّا الْحَدِيث الْمُشَار إِلَيْهِ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ حَدِيث الْمِقْدَاد , وَلِلْعُلَمَاءِ فِيهِ خَمْسَة أَقْوَال : أَحَدهَا هَذَا وَهُوَ حَمْله عَلَى ظَاهِره وَاسْتَعْمَلَهُ الْمِقْدَاد رَاوِي الْحَدِيث , وَالثَّانِي الْخَيْبَة وَالْحِرْمَان كَقَوْلِهِمْ لِمَنْ رَجَعَ خَائِبًا رَجَعَ وَكَفّه مَمْلُوءَة تُرَابًا . وَالثَّالِث قُولُوا لَهُ بِفِيك التُّرَاب , وَالْعَرَب تَسْتَعْمِل ذَلِكَ لِمَنْ تَكْرَه قَوْله . وَالرَّابِع أَنَّ ذَلِكَ يَتَعَلَّق بِالْمَمْدُوحِ كَأَنْ يَأْخُذ تُرَابًا فَيَبْذُرهُ بَيْنَ يَدَيْهِ يَتَذَكَّر بِذَلِكَ مَصِيره إِلَيْهِ فَلَا يَطْغَى بِالْمَدْحِ الَّذِي سَمِعَهُ . وَالْخَامِس الْمُرَاد بِحَثْوِ التُّرَاب فِي وَجْه الْمَادِح إِعْطَاؤُهُ مَا طُلِبَ لِأَنَّ كُلّ الَّذِي فَوْق التُّرَاب تُرَاب , وَبِهَذَا جَزَمَ الْبَيْضَاوِيّ وَقَالَ : شَبَّهَ الْإِعْطَاء بِالْحَثْيِ عَلَى سَبِيل التَّرْشِيح وَالْمُبَالَغَة فِي التَّقْلِيل وَالِاسْتِهَانَة , قَالَ الطِّيبِيُّ : وَيَحْتَمِل أَنْ يُرَاد رَفْعُهُ عَنْهُ وَقَطْع لِسَانه عَنْ عِرْضه بِمَا يُرْضِيه مِنْ الرَّضْخ , وَالدَّافِع قَدْ يَدْفَع خَصْمه بِحَثْيِ التُّرَاب عَلَى وَجْهه اِسْتِهَانَة بِهِ . وَأَمَّا الْأَثَر عَنْ عُمَر فَوَرَدَ مَرْفُوعًا أَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ وَأَحْمَد مِنْ حَدِيث مُعَاوِيَة " سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول " فَذَكَرَهُ بِلَفْظِ " إِيَّاكُمْ وَالتَّمَادُح فَإِنَّهُ الذَّبْح " وَإِلَى لَفْظ هَذِهِ الرِّوَايَة رَمَزَ الْبُخَارِيّ فِي التَّرْجَمَة , وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي " الشُّعَب " مُطَوَّلًا وَفِيهِ " وَإِيَّاكُمْ وَالْمَدْح فَإِنَّهُ مِنْ الذَّبْح " وَأَمَّا مَا مُدِحَ بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ أَرْشَدَ مَادِحِيهِ إِلَى مَا يَجُوز مِنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى عِيسَى اِبْن مَرْيَم " الْحَدِيث , وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانه فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء , وَقَدْ ضَبَطَ الْعُلَمَاء الْمُبَالَغَة الْجَائِزَة مِنْ الْمُبَالَغَة الْمَمْنُوعَة بِأَنَّ الْجَائِزَة يَصْحَبهَا شَرْط أَوْ تَقْرِيب , وَالْمَمْنُوعَة بِخِلَافِهَا , وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا جَاءَ عَنْ الْمَعْصُوم فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاج إِلَى قَيْد كَالْأَلْفَاظِ الَّتِي وَصَفَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا بَعْض الصَّحَابَة مِثْل قَوْله لِابْنِ عَمْرو " نِعْمَ الْعَبْد عَبْد اللَّه " وَغَيْر ذَلِكَ وَقَالَ الْغَزَالِيّ فِي " الْإِحْيَاء " آفَة الْمَدْح فِي الْمَادِح أَنَّهُ قَدْ يَكْذِب وَقَدْ يُرَائِي الْمَمْدُوح بِمَدْحِهِ وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ فَاسِقًا أَوْ ظَالِمًا , فَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيث أَنَس رَفَعَهُ " إِذَا مُدِحَ الْفَاسِق غَضِبَ الرَّبّ " أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى وَابْن أَبِي الدُّنْيَا فِي الصَّمْت , وَفِي سَنَده ضَعْف , وَقَدْ يَقُول مَا لَا يَتَحَقَّقهُ مِمَّا لَا سَبِيل لَهُ إِلَى الِاطِّلَاع عَلَيْهِ , وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَلْيَقُلْ أَحْسِب " وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ إِنَّهُ وَرِع وَمُتَّقٍ وَزَاهِد , بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ : رَأَيْته يُصَلِّي أَوْ يَحُجّ أَوْ يُزَكِّي فَإِنَّهُ يُمْكِنهُ الِاطِّلَاع عَلَى ذَلِكَ , وَلَكِنْ تَبْقَى الْآفَة عَلَى الْمَمْدُوح , فَإِنَّهُ لَا يَأْمَن أَنْ يُحْدِث فِيهِ الْمَدْح كِبْرًا أَوْ إِعْجَابًا أَوْ يَكِلهُ عَلَى مَا شَهَرَهُ بِهِ الْمَادِح فَيَفْتُر عَنْ الْعَمَل ; لِأَنَّ الَّذِي يَسْتَمِرّ فِي الْعَمَل غَالِبًا هُوَ الَّذِي يَعُدّ نَفْسه مُقَصِّرًا , فَإِنْ سَلِمَ الْمَدْح مِنْ هَذِهِ الْأُمُور لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْس , وَرُبَّمَا كَانَ مُسْتَحَبًّا , قَالَ اِبْن عُيَيْنَةَ : مَنْ عَرَفَ نَفْسه لَمْ يَضُرّهُ الْمَدْح , وَقَالَ بَعْض السَّلَف : إِذَا مُدِحَ الرَّجُل فِي وَجْهه فَلْيَقُلْ : اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي مَا لَا يَعْلَمُونَ , وَلَا تُؤَاخِذنِي بِمَا يَقُولُونَ , وَاجْعَلْنِي خَيْرًا مِمَّا يَظُنُّونَ , أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي " الشُّعَب " .
- تاريخ التسجيل : 01/01/1970
مواضيع مماثلة
» إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه
» إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب فإذا عطس أحدكم
» إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب فإذا عطس أحدكم
التشاجيح :: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى