زوال عادة القراءة
زوال عادة القراءة
ليس هناك شك أمام الجميع بأن عادة القراءة باتت تنقرض رويداً رويداً في مجتمعاتنا العربية.. والسؤال الإشكالي هو ماذا يحل محلها من عادات، وهل تعوض عنها وعن طقوسها وعن تأثيراتها ككل؟.
نظرة متأنية إلى الغربيين، سنجد أن عادة القراءة تنتشر عندهم في كل الأوقات وفي كل الأمكنة، وبغض النظر عن عمل الفرد أو ميوله، بغض النظر عن كونه مبدعاً أو مثقفاً.. فما الذي يمكن أن تضيفه هذه العادة للذات البشرية غير ما تقدمه من معارف أدبية وعلمية ودينية وفكرية؟.
ما ستفعله هذه العادة في الغرب أولاً هي التأكيد الدائم على أن كتاب اليد أو الجيب سيظل مستمراً مهما تطورت التقنيات العلمية، ومهما وصل الحجم النهائي للكمبيوتر من صغر، فثمة ذاكرة للمكان لا يوفرها إلا الكتاب، ثمة سطور وهوامش وأرقام صفحات وألوان وأشكال للحروف، ثمة ملمس واحتضان ومصاحبة تقارب حرارة الصاحب أو الرفيق، وثمة تبادل للحوارات والأسئلة، خاصة في الأجواء الروائية.. وثمة طقوس نفسية واجتماعية خاصة وعامة تتباين بين قارئ وآخر.
إن حيزاً من الإصغاء للآخر سينقرض حتماً مع زوال عادة القراءة، ولا داعي للتذكير بما استبدلت أجيال اليوم هذا الحيز، لان ثمة صوتاً سيصم الآذان بمجرد الالتفات لاهتماماتهم وصرعاتهم.. وكأنه جيل يخاف الصمت يخاف السكينة مع الذات، يخاف ذاكرته.. يخاف الإصغاء فيلجأ إلى موسيقاه الصاخبة، وإذا احترم الآخرين رغم أذنه يضع عليها ما يسمى «الهد فون».. وليس هذا وحسب، إنه جيل لا يحب التخيّل، ولا يحب أن يشغّل أكثر من خليتين دماغيتين في وقت واحد، فعادة القراءة التي تنشّط التخيل وتغذي فعل التأمل، يستعيض عنها بالفضائيات، و«بالفيديو كليب» تحديداً، مجرد موسيقى صاخبة كصوت ورقص كثقافة بصرية.. ولأنه لا يترك لعقله الانفراد به للحظة واحدة، يتابع هذا الفعل المعرفي العظيم مع «الموبايل» وما أدراك ما «الموبايل» وكيف للأهل يقدمون لأطفالهم هذا الكتاب الرائع؟هل يحتاج تلاميذ في المرحلة الابتدائية لهذه الصور، لهذه الأفلام ، ولهذه الثقافة الجنسية التي يتم تداولها بسرعة البرق؟.
إن عادة القراءة تضفي على الفرد لحظات من الهدوء والتأمل تمنحه بعداً إنسانيا في علاقته مع شخصيته أولا ومع الآخرين ثانياً، تمنحه وقتاً ليقف مع ذاته خارج هذا الهوس اليومي المتتابع دون هوادة، وتمنحه سعادة في قضاء الأوقات الأخرى، فالمشكلة أن هذا الجيل بكل ما لديه من أدوات تسلية وإضاعة تافهة للوقت يتذمر ويمل ويسعى إلى ما يغيبه عن عالمه. بينما عادة القراءة التي تمده بالمعرفة والثقافة وتغرس به بهدوء مفرط بذور الإبداع، تعلمه أيضاً مبادئ الحوار، وتأخذه إلى انعكاسات مرايا الآخرين على السلوك الاجتماعي الخاص والعام.. هذا إذا ما تركنا جانباً ما الذي تفعله هذه العادة في بلورة الموهبة وتنمية العقل المبدع، إضافة لرفد الدراسة العلمية والأكاديمية بكل جديد ومفيد ...
نظرة متأنية إلى الغربيين، سنجد أن عادة القراءة تنتشر عندهم في كل الأوقات وفي كل الأمكنة، وبغض النظر عن عمل الفرد أو ميوله، بغض النظر عن كونه مبدعاً أو مثقفاً.. فما الذي يمكن أن تضيفه هذه العادة للذات البشرية غير ما تقدمه من معارف أدبية وعلمية ودينية وفكرية؟.
ما ستفعله هذه العادة في الغرب أولاً هي التأكيد الدائم على أن كتاب اليد أو الجيب سيظل مستمراً مهما تطورت التقنيات العلمية، ومهما وصل الحجم النهائي للكمبيوتر من صغر، فثمة ذاكرة للمكان لا يوفرها إلا الكتاب، ثمة سطور وهوامش وأرقام صفحات وألوان وأشكال للحروف، ثمة ملمس واحتضان ومصاحبة تقارب حرارة الصاحب أو الرفيق، وثمة تبادل للحوارات والأسئلة، خاصة في الأجواء الروائية.. وثمة طقوس نفسية واجتماعية خاصة وعامة تتباين بين قارئ وآخر.
إن حيزاً من الإصغاء للآخر سينقرض حتماً مع زوال عادة القراءة، ولا داعي للتذكير بما استبدلت أجيال اليوم هذا الحيز، لان ثمة صوتاً سيصم الآذان بمجرد الالتفات لاهتماماتهم وصرعاتهم.. وكأنه جيل يخاف الصمت يخاف السكينة مع الذات، يخاف ذاكرته.. يخاف الإصغاء فيلجأ إلى موسيقاه الصاخبة، وإذا احترم الآخرين رغم أذنه يضع عليها ما يسمى «الهد فون».. وليس هذا وحسب، إنه جيل لا يحب التخيّل، ولا يحب أن يشغّل أكثر من خليتين دماغيتين في وقت واحد، فعادة القراءة التي تنشّط التخيل وتغذي فعل التأمل، يستعيض عنها بالفضائيات، و«بالفيديو كليب» تحديداً، مجرد موسيقى صاخبة كصوت ورقص كثقافة بصرية.. ولأنه لا يترك لعقله الانفراد به للحظة واحدة، يتابع هذا الفعل المعرفي العظيم مع «الموبايل» وما أدراك ما «الموبايل» وكيف للأهل يقدمون لأطفالهم هذا الكتاب الرائع؟هل يحتاج تلاميذ في المرحلة الابتدائية لهذه الصور، لهذه الأفلام ، ولهذه الثقافة الجنسية التي يتم تداولها بسرعة البرق؟.
إن عادة القراءة تضفي على الفرد لحظات من الهدوء والتأمل تمنحه بعداً إنسانيا في علاقته مع شخصيته أولا ومع الآخرين ثانياً، تمنحه وقتاً ليقف مع ذاته خارج هذا الهوس اليومي المتتابع دون هوادة، وتمنحه سعادة في قضاء الأوقات الأخرى، فالمشكلة أن هذا الجيل بكل ما لديه من أدوات تسلية وإضاعة تافهة للوقت يتذمر ويمل ويسعى إلى ما يغيبه عن عالمه. بينما عادة القراءة التي تمده بالمعرفة والثقافة وتغرس به بهدوء مفرط بذور الإبداع، تعلمه أيضاً مبادئ الحوار، وتأخذه إلى انعكاسات مرايا الآخرين على السلوك الاجتماعي الخاص والعام.. هذا إذا ما تركنا جانباً ما الذي تفعله هذه العادة في بلورة الموهبة وتنمية العقل المبدع، إضافة لرفد الدراسة العلمية والأكاديمية بكل جديد ومفيد ...
منقول
- تاريخ التسجيل : 01/01/1970
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى